قال
تعالى : ( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنتَ
مِنْهُ تَحِيدُ ) (2)والمراد بسكرة الموت : الكرب الذي يتغشّى المحتضر عند
الموت من هول المطلع ، وهي غصص الموت ، وغمرات الآلام ، وطوارق الأوجاع
والأسقام ، وما يصحبها من « أنّةٍ موجعةٍ ، وجذبةٍ مكربةٍ ، وسوقة متعبةٍ
»(3).
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أدنى جَبَذات الموت
بمنزلة مائة ضربةٍ بالسيف »(4) . وتتجلّى آثار تلك السكرات الملهثة
والغمرات الكارثة في احتباس لسان المحتضر ، وشخوص بصره ، وترشّح جبينه ،
وتقلّص شفتيه ، وارتفاع أضلاعه ، وعلو نَفَسه ، واصفرار لونه ، وموت أعضائه
بالتدريج حيث تبرد قدماه ، ثم فخذاه ، وهكذا سكرة بعد سكرة ، وكربة بعد
كربة ، حتى تبلغ الحلقوم ، فينقطع نظره عن الدنيا انقطاعاً لا رجعة فيه (
فَلَوْلأ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ *
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلكِن لأ تُبْصِرُونَ * فَلَوْلأ إِن
كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (5) ،
هذا مع ما يعاني المحتضر في أول احتضاره من حالات مدهشة